2023/11/11
نسخ!

د. حسن أحمد حسن في تقرير لـ نكاه نو..

ردٌّ على من يحمّلون المقاومة مسؤولية العدوان على غزة

ردٌّ على من يحمّلون المقاومة مسؤولية العدوان على غزة

صرح الخبير والمحلل الإستراتيجي اللواء السوري المتقاعد د. حسن أحمد حسن، من حق أي مجتمع من المجتمعات أن يفتخر بما لديه من إرث حضاري وأخلاقي وقيمي وإنساني تراكم عبر الزمن، وغدا بوصلة عامة ترسم حدود المقبول والمرفوض.

وأضاف لـ نكاه نو: من واجب النخب الفكرية والثقافية والمجتمعية والسياسية التدقيق في الكم الكبير من المصطلحات التي تم دسها عمداً لأهداف خبيثة ما ظهر منها وما بطن، والمدقق في مخزون الأمثال الشعبية والأقوال المأثورة التي نرددها من دون التدقيق في مضامينها يدرك أن كماً لا يستهان به مما ندرجه في خانة الحكمة يحتاج إلى تدقيق وإعادة نظر حتى وإن تم تناقله على أنه من المواعظ التي صقلتها التجربة وغدت خبرات تتناقلها الأجيال، في حين أن التطبيق العملي يؤكد أنها لا تعدو كونها مخدراً آنياً يسبب غشاوة على البصر وانغلاقاً في البصيرة لتحقيق أهداف أرادها من دسوا تلك الأقوال وعمموها لتكون مقياساً ومحددات سلوك، ولست هنا بصدد تعداد نماذج مما يعده الكثيرون حكمة، بل سأكتفي بعرض مثال واحد يتضمن القول السائر: (الأرض “الواطية” شربت ماءها وماء غيرها) والمقصود هنا القبول  بالدرجة التي يصنفك بها الآخرون، أو التزام الصمت وعدم المجابهة والاستعاضة عن رفض المرفوض بالفطرة بإمكانية الوفرة الموعودة في المردود طالما الأرض الواطية تشرب ماءها وماء غيرها، وبالتالي يصبح الخنوع تعقلاً، والسكوت عن الباطل حكمة تتجلى بالاكتفاء بتلقي تبعات سلوكيات الآخرين حتى لو كانت تتضمن التطاول والاعتداء على الأفراد أو الشعوب والدول، وهذا يذكرنا بقول مشابه (اليد التي لا تستطيع مواجهتها “بوسها” ـــ يعني قبّلها ـــ وادع عليها بالكسر).

*الردّ على من يحمّلون المقاومة المسؤولية

وبشأن الردّ على من يحمّلون المقاومة الفلسطينية المسؤولية عما يحدث في غزة، قال د. حسن: في ضوء هذا المفهوم المعوّج راح بعض المتجهبذين يحمّلون المقاومة الفلسطينية المسؤولية عن الدمار الذي لحق بغزة، والقتل المتعمد الذي طال آلاف الأطفال والنساء والعجائز، وكأنهم يقولون: من أنتم حتى تفكروا بلطم الوحش الإسرائيلي الكاسر تلك اللطمة القاسية التي أفقدته اتزانه، وطالما فعلتم ذلك فعليكم تحمّل كل التداعيات، وفي هذا كل الظلم والجور والعسف ومناصرة المعتدي على الاستفراد بمن يرفض الإذعان لمشيئته… الأمر ذاته ينسحب صعودا وهبوطاً، وكثيرة هي الأصوات التي تدعو للخنوع تحت عنوان “الواقعية” كما تدعو لابتلاع اللسان وعدم النطق بكلمة ضد جبروت الطاغوت الأمريكي ومن يدور في فلكه المأفون، وكُثُرٌ هم الذين يعتمدون التهويل لتخويف أطراف محور المقاومة من الفظائع والكوارث التي ستجتاح المنطقة إذا تأخرت الاستجابة لما تريده واشنطن التي حضرت بأساطيلها وجيوشها، وستبيد كل من يقول: لا، وعلى الضفة الأخرى هناك النعيم الذي ينتظر من يساهم بتمرير الرؤية الصهيو ـــ أمريكية وفرضها على أنها قدر لا يمكن مواجهته، وفي كل مرة ينتهي الحديث أو الحوار بالقول المأثور: (الأرض “الواطية” تشرب ماءها وماء غيرها) لا وأيم الله أيها السادة ما هكذا تورد الإبل، وشتان شتان بين الذلة والتبعية وبين التواضع الذي لا يفقد صاحبه حقوقه ولا منزلته، وشتان شتان بين  التواصل الخلاق المبني على احترام القانون وحقوق الآخرين وبين القبول بفتات ما يتبقى على موائد من يرقصون على الجماجم ويسكرون بدماء الأبرياء، وينفشون ريشهم الطاووسي المظلل بأساطيل الموت وحاملات طائرات القتل والإبادة وصواريخ الدمار الشامل.

*من يسوقون نهج الخضوع

حتى لو اجتمع الكون بكليته على أن يحرموا طفلاً حقه بالصراخ ورفض الوحشية المطلقة فلن يستطيعوا حرمانه هذا الحق حتى ولو تحول إلى أشلاء، وعلى من يسوقون نهج الخضوع والقبول بمفرزات سياسة القوة أن يتيقنوا بأن أسيادهم ومشغليهم لن يأخذوا بالتهديد والوعيد والتلويح بالقوة، وبالويل والثبور وعظائم الأمور ما عجزت جحافل إرهابهم وتآمرهم عن أخذه على امتداد سنوات من مواجهة الإرهاب والحصار والعقوبات وسرقة الموارد، ولن تفلَّ تهديداتهم في عضد أصحاب الإرادة وصناع الحياة بكرامة، والفرق كبير بين الأرض المستقرة المحصنة بما يقيها الانجراف في السيول العابرة، وبين الأرض الواطية التي يستسهل الوصول إليها الكثير من الخلق والبهائم، فالأرض المستقرة حصنها وأسوارها مبنية بمداميك الكرامة وعزة النفس والإيمان بالحق والاستعداد للتضحية دفاعاً عنه، وهذا ينطبق على الدول والشعوب كما ينطبق على الأفراد والمجموعات والتنظيمات المقاومة التي أفرزتها الضرورة للدفاع عن تلك الحقوق، فمبارك على أصحاب نظرية الأرض الواطية ما يدعون إليه، وهنيئاً لأصحاب جينات الكرامة والعزة والسيادة وقفتهم الشماء في وجه أعاصير الشر والغدر مهما بلغت التضحيات.

 

تعليقك

الصفحات الاجتماعية اختيار المحرر آخر الأخبار كاريكاتير صورة اليوم