2024/09/30
نسخ!

د. محمد علي صنوبري

المعركة النهائية مع الكيان الصهيوني قادمة: جرائمه الوحشية في لبنان وغزة مقدمة لنهايته الحتمية

المعركة النهائية مع الكيان الصهيوني قادمة: جرائمه الوحشية في لبنان وغزة مقدمة لنهايته الحتمية

ان قصف الكيان الإسرائيلي الوحشي للبنان على مدار أيام هو علامة على فشله في لبنان وغزة، ويكشف عن عجزه عن مواجهة مقاتلي حزب الله وحماس بشكل مباشر. وفي يأسه، يلجأ هذا الكيان المغتصب إلى قتل الأطفال والنساء الأبرياء.

وبالنسبة لأولئك الذين يشيرون إلى استشهاد قادة المقاومة، فيجب أن نذكرهم بأن الشهادة هي الهدف الحقيقي الذي يدفع هؤلاء المقاتلين في نضالهم المقدس. لا تخافوا، فالأجيال كثيرة تقف على أهبة الاستعداد في نفس خندق المقاومة. وعندما تأتي المعركة النهائية بين الخير والشر، فلن يكون هناك نقص في المتطوعين، وستستمر صفوف القادة في النمو.

غالبًا ما يتم تصوير الصراع المستمر بين الكيان الصهيوني وجبهة المقاومة على أنه حلقة مفرغة من الحروب والمناورات السياسية وصراعات القوة الإقليمية. ومع ذلك، بالنسبة لأولئك الذين ينغمسون بعمق في الإطار الإيديولوجي للمقاومة، فإن الصراع أكثر بكثير من مجرد حرب تقليدية. إنه مواجهة مدبرة إلهيًا تتجاوز الحدود والوقت والقيادة الأرضية. لم تطلق المقاومة بعد كامل إمكاناتها، ليس بسبب الافتقار إلى القدرة العسكرية، ولكن لأن المعركة النهائية، المواجهة النهائية، مرتبطة بغرض أعلى وتوقيت إلهي. ولذلك علينا أن نتعمق بالمعتقدات العميقة التي تشكل جبهة المقاومة، وأسباب صبرها، والمعركة النهائية المنتظرة التي لا يُنظر إليها على أنها صراع جيوسياسي فحسب، بل كحدث كوني سيعيد تشكيل النظام العالمي.

المعركة النهائية: انتظار الإذن الإلهي

إن جبهة المقاومة لديها اعتقاداً راسخاً بأنها لم تنخرط بعد في المعركة الحاسمة مع النظام الصهيوني. وهدفها النهائي واضح وهو تدمير هذا النظام. ومع ذلك، فإن ما يجعل هذه المقاومة فريدة من نوعها هو فهمها أن توقيت هذه المعركة ليس في أيدي البشر. ولا تدعي قيادات هذه الحركات، بما في ذلك شخصيات مثل السيد حسن نصر الله وآية الله السيد علي خامنئي، أنها تمتلك السلطة لبدء هذا الصراع النهائي. فهم يعتقدون أن القرار في يد الله وحده، مع وسيط إلهي يعمل كزعيم سري للكون.
ويلعب هذا الوسيط، وهو من نسل النبي محمد، دوراً محورياً في توجيه استراتيجية المقاومة. إن من المعتقد أن هذه الشخصية الروحية تنقل الرسائل والإرشادات الإلهية، كما حدث مع روح الله الخميني، زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1979. ويُنظَر إلى صعود الخميني إلى السلطة على الرغم من كل الصعوبات، بما في ذلك انهيار النظام الملكي الإيراني الذي دام 2500 عام، باعتباره دليلاً على التدخل الإلهي. وتعمل تصريحاته التي ذكر فيها سقوط الاتحاد السوفييتي، وهزيمة صدام حسين، وانهيار النظام الصهيوني والديمقراطية الليبرالية الغربية في المستقبل، كدليل إضافي على صحة هذه النظرة العالمية. وقد تحققت بالفعل اثنتان من هذه التنبؤات، ويُعتقد أن التنبؤين الأخيرين على وشك التحقق.

الغرض من الصبر: إيقاظ الإنسانية

إن فكرة الصبر تشكل جوهر نهج المقاومة. فهم يمتلكون قدرات عسكرية، بما في ذلك الصواريخ المتطورة وأنظمة الأسلحة التي ستلحق أضراراً جسيمة بخصومهم. ومع ذلك، فقد اختاروا ضبط النفس. والسبب وراء هذا الصبر يكمن في غرض أعظم: تنوير الإنسانية.
إن المقاومة ترى أن العالم لابد وأن يدرك الطبيعة الحقيقية للصراع، من يمثل العدل والإصلاح والرحمة، ومن يجسد الفساد والقمع والعنف. إن المعركة ليست مجرد معركة تدمير مادي، بل معركة وضوح أخلاقي. إن الإسلام، كما تمارسه المقاومة وتدافع عنه، يُنظَر إليه باعتباره دين الرحمة، وليس دين التدمير العشوائي. إن القدرة على الضرب والقتل ليست مبرراً للقيام بذلك. وتتناقض المقاومة بشكل حاد مع أعدائها، فتزعم أنه في حين يقتل الكفار الأبرياء دون تمييز، فإن المقاومة تستهدف البنية التحتية العسكرية وآلات الحرب، وليس المدنيين. وهذا قرار متعمد ومحسوب يهدف إلى إيقاظ ضمير العالم.
إن المقاومة، من خلال الامتناع عن العنف العشوائي، تسعى إلى كشف الطبيعة الحقيقية للنظام الصهيوني وحلفائه. وتريد المقاومة أن يرى العالم أنه في حين تمتلك القوة على القتل، فإنها تختار عدم القتل، ليس بسبب الضعف، بل بسبب الالتزام بالمبادئ العليا. وهذا القيد الأخلاقي يشكل عاملاً رئيسياً يميز بين قوى المقاومة وتلك التي تعارضها. إن هدفهم النهائي ليس مجرد تحقيق النصر العسكري، بل الصحوة الأخلاقية والروحية للناس على مستوى العالم.

معركة تتجاوز الزعامة الأرضية: السيطرة الإلهية
لا ترى جبهة المقاومة أن قادتها هم صناع القرار النهائيين. إن شخصيات مثل نصر الله وخامنئي تحظى بالاحترام والمتابعة، ولكن السلطة لشن المعركة النهائية تكمن في مكان آخر هي في أيدي الله. وينبع هذا الاعتقاد من فكرة أن الله قد ترك وسيطاً على الأرض للإشراف على الزعامة السرية للكون. ويعتقد أن هذه الشخصية الروحية، التي تظل هويتها محاطة بالغموض الإلهي، تتواصل مباشرة مع قادة المقاومة وقد فعلت ذلك في الماضي.
ونتيجة لذلك، تعتقد المقاومة أن انهيار النظام الصهيوني والديمقراطية الليبرالية الغربية ليسا مجرد أهداف سياسية بل نتائج إلهية مقدسة ستحدث عندما يحين الوقت المناسب.

المعركة النهائية
وفقًا للمعتقدات التي يعتنقها جزء كبير من العالم الإسلامي، وخاصة بين الشيعة، فإن المعركة النهائية مرتبطة بالظهور المنتظر للمهدي، المخلص المتنبأ به. سيقود المهدي، إلى جانب عيسى المسيح، قوى العدل والتوحيد في معركة كارثية ضد قوى الشيطان والفساد. إن هذه الرؤية الإسخاتولوجية تضع نضال المقاومة في إطار كوني أوسع، حيث تجري المواجهة النهائية بين الخير والشر في بلاد الشام وفلسطين، وهما منطقتان تقعان بالفعل في قلب الصراع المعاصر.
وفي هذه المعركة النهائية، من المتوقع أن ينتصر المهدي والمسيح، فيجلبان السلام والعدالة إلى العالم. وسوف يتحد جميع الموحدين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية السابقة، تحت دين واحد، مع المهدي كزعيم لهم والمسيح نائباً له. وسوف يؤسسون معاً نظاماً عالمياً جديداً يقوم على العدالة الإلهية، مع القدس كعاصمة روحية حيث سيقودون الصلوات هناك.

الأحداث الجارية: علامات الصحوة الوشيكة
ترى المقاومة الأحداث العالمية الحالية كدليل على أن الظروف للمعركة النهائية والصحوة الإنسانية يجري إعدادها. ويُنظَر إلى عدم الاستقرار السياسي الواسع النطاق، والتفاوت الاقتصادي، والفساد الأخلاقي الذي يبتلي العالم الحديث كعلامات على أن البشرية تقترب من نقطة تحول. إن المقاومة تؤمن بأن الأرضية مهيأة لصحوة عالمية وأن شعوب العالم بدأت تدرك حقيقة مضطهديها.
وفي هذا السياق، يُنظَر إلى النظام الصهيوني باعتباره أحد المظاهر الأولية للفساد والظلم العالميين. ولا يشكل تدميره في نهاية المطاف انتصاراً إقليمياً للمقاومة فحسب، بل يشكل لحظة محورية في صحوة الإنسانية. وبالتالي فإن صبر المقاومة ليس علامة على التقاعس، بل قرار استراتيجي للسماح للعالم بالوصول إلى هذه النقطة من الوضوح الأخلاقي. وسوف تأتي المعركة النهائية، ولكن فقط عندما تكون البشرية مستعدة لمشاهدة انتصار العدالة الإلهية.
إن نهج جبهة المقاومة في صراعها مع النظام الصهيوني متجذر بعمق في منظومة معتقدات تتجاوز السياسة والاستراتيجية العسكرية. إن صبرهم لا ينبع من الضعف أو التردد، بل من غرض إلهي. والهدف النهائي ليس تدمير نظام سياسي وعسكري متوحش فحسب، بل الصحوة الأخلاقية والروحية للعالم. إن المقاومة، من خلال الامتناع عن العنف العشوائي وانتظار الإذن الإلهي، تسعى إلى كشف الطبيعة الحقيقية لأعدائها وإعداد البشرية للمواجهة النهائية. والعالم يراقب، وعندما يحين الوقت المناسب، ستأتي المعركة النهائية ــ ليس فقط من أجل غرب أسيا، بل وأيضاً من أجل مستقبل العدالة العالمية.
مدير ورئيس تحرير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية

تعليقك

الصفحات الاجتماعية اختيار المحرر آخر الأخبار كاريكاتير صورة اليوم