2024/10/06
نسخ!

مقال /سمير السعد:

لبنان؛ خذلان في غابة الذئاب لبنان تستغيث دون مجيب

لبنان؛ خذلان في غابة الذئاب لبنان تستغيث دون مجيب

سمير السعد- يعيش لبنان اليوم في ظل أحد أسوأ الكوارث التي شهدها تاريخه المعاصر، مع تصاعد القصف الصهيوني العنيف الذي يتساقط على أراضيه دون أي موقف عربي موحد أو دعم دولي يُذكر. فالصور تتكرر والمشاهد تعيد نفسها في ذاكرة هذا الوطن المثقل بالأزمات، وسط غياب أي رد فعل عربي مشرف يرقى إلى مستوى التحدي الذي يواجهه شعب لبنان.

لقد بات الصمت العربي أمام هذا العدوان الممنهج أمراً يصعب تجاوزه أو التغاضي عنه. فبدلاً من أن تتحرك الحكومات العربية لنصرة لبنان ودعمه، نشهد خذلاناً محبطاً يجعلنا نتساءل: أين التضامن العربي؟ أين القمم الطارئة؟ أين صوت العروبة التي لطالما تغنينا بها؟ لقد بات لبنان كأنه في غابة الذئاب، يواجه أعداءه وحيداً دون أن يجد من يحمي ظهره أو يسانده في هذه المحنة العصيبة.

على الصعيد الدولي، يبدو أن الأسرة الدولية قد اعتادت إصدار البيانات والتصريحات التي تفتقر إلى أي إجراء فعلي على أرض الواقع. فبينما يتعرض اللبنانيون لأبشع أنواع القصف والتدمير، تظل الدول الكبرى والقوى العالمية عاجزة عن اتخاذ موقف حاسم يلجم العدوان الصهيوني، مكتفية بإدانة شكلية لا ترتقي إلى مستوى الحدث. هذه الازدواجية في المعايير باتت السمة الرئيسية في التعامل مع الأزمات التي تعصف بالمنطقة، حيث يُسمح للكيان الصهيوني بخرق القوانين الدولية وارتكاب الجرائم دون أي رادع و أمام هذا الصمت والخذلان، يبقى الشعب اللبناني صامداً، رافضاً الاستسلام، رغم قساوة الظروف.

لقد باتت استغاثات لبنان بمثابة صرخات تتردد في فراغ عربي ودولي، دون أن تجد من يستجيب أو يتدخل لإنهاء هذا العدوان.

إن جرح لبنان الذي ينزف منذ عقود من الصراعات والاعتداءات لا يبدو أنه سيُشفى قريباً، في ظل هذا الإهمال الإقليمي والدولي. لبنان الذي لطالما كان منارة للثقافة والتنوع في العالم العربي، يجد نفسه اليوم في قلب أزمة متعددة الأوجه، حيث يضاف العدوان العسكري إلى قائمة طويلة من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تنهش جسده.

في ظل استمرار القصف الصهيوني على الأراضي اللبنانية، يعاني المدنيون من ويلات الحرب، في حين تدمرت البنية التحتية، وانقطعت سبل الحياة اليومية. ولعلّ الأصعب من ذلك هو الإحساس بأن العالم يقف مكتوف الأيدي، متفرجاً على هذا الألم دون أن يحرك ساكناً. فما بين الوعود الخاوية والاتفاقيات التي لا تُطبق، بات واضحاً أن لبنان يواجه قدره وحده.

لا يمكن الحديث عن الصمت العربي والدولي دون الإشارة إلى المصالح المعقدة والمتقاطعة التي تحول دون اتخاذ مواقف حازمة ضد العدوان الصهيوني. لقد أصبحت الملفات الإقليمية والدولية متشابكة بشكل يعرقل أي محاولة لنصرة لبنان، حيث تُفضل بعض القوى العربية والدولية الحفاظ على علاقاتها مع الكيان الصهيوني بدلاً من الوقوف إلى جانب لبنان.

المفارقة الكبرى هي أن بعض الدول العربية التي يفترض أن تكون سنداً للبنان، اختارت نهج التطبيع مع إسرائيل، مما يجعلها في موقف حرج غير قادر على اتخاذ مواقف علنية تدعم الشعب اللبناني في محنته. هذه المصالح الاقتصادية والسياسية باتت تتغلب على مبادئ التضامن العربي والوقوف إلى جانب القضايا العادلة.

رغم الصورة القاتمة، يظل الأمل في الشعب اللبناني، الذي أثبت مراراً وتكراراً قدرته على الصمود في وجه التحديات. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: إلى متى سيستمر هذا الصمود دون دعم فعلي من الأشقاء العرب والمجتمع الدولي؟ وهل سيستيقظ العالم قبل أن يغرق لبنان في أزمة أعمق؟

ما يحتاجه لبنان اليوم هو أكثر من بيانات الاستنكار والتنديد. إنه بحاجة إلى خطوات عملية لدعم صموده والوقوف في وجه الاعتداءات المتكررة. على الدول العربية أن تعيد حساباتها، وأن تدرك أن خذلان لبنان اليوم سيكلف الجميع غداً. كما يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في إنهاء هذا النزاع، وأن يعمل بجدية على فرض عقوبات حقيقية على الكيان الصهيوني لوقف اعتداءاته المتكررة.

 

خلاصة القول ، يبقى السؤال المطروح: هل سيبقى لبنان وحيداً في غابة الذئاب، أم أن العالم سيتحرك أخيراً لإنقاذه؟

العلامات

تعليقك

الصفحات الاجتماعية اختيار المحرر آخر الأخبار كاريكاتير صورة اليوم