2025/11/08
نسخ!

تحلیل خاص؛

ما يجري هذه الأيام في السودان / من خطة التقسيم المكررة إلى تهميش أزمة غزة

ما يجري هذه الأيام في السودان / من خطة التقسيم المكررة إلى تهميش أزمة غزة

أصبح السودان في هذه الأيام أحد أهم أخبار العالم، حيث تدور أحداثه بين المجازر من جهة، والجوع والقحط والنزوح من جهة أخرى.

وفقًا لتقرير “الرؤية الجديدة”، فإن نظرة جذرية على التحوّلات في السودان تُظهر أن الصراعات المسلحة في السودان بدأت في 15 أبريل 2023 (26 فروردین 1402) بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الذي يسيطر على الحكومة المركزية، وقوات الدعم السريع بقيادة «محمد حمدان دقلو»، المعروف بـ«حميدتي».
نشبت هذه الاشتباكات إثر خلاف حول كيفية دمج قوات الدعم السريع في الجيش، بعد الانقلاب العسكري عام 2021 ضد عمر البشير، وما زالت الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الحرب دون نتيجة حتى الآن.
تُظهر التحوّلات الأخيرة في السودان أن هذا البلد دخل فعليًّا في مسار التقسيم، إذ تسيطر ميليشيات الدعم السريع حاليًّا على غرب السودان وجزء كبير من ولاية كردفان المتاخمة للجنوب، ومع سيطرتها على مدينة الفاشر، سينفصل إقليم دارفور فعليًّا عن الحكومة المركزية. في المقابل، يحتفظ الجيش بسيطرته على الخرطوم (العاصمة) والمناطق الوسطى والشرقية الممتدة على طول البحر الأحمر.
النقطة الأساسية هي أنّ بيانات الأمم المتحدة تشير إلى أنّ أكثر من مليون شخص من سكان مدينة الفاشر تشردوا، وحوالي 250 ألف شخص آخرين عالقون في أوضاع مستعصبة، جرّاء الحصار المفروض على المدينة منذ ثمانية عشر شهرًا. وكذلك تم تصويت القرار رقم 2736 بهدف وقف الصراع في السودان في مجلس الأمن الدولي سابقًا ، ولكن مع ذلك، وعلى امتداد هذه الأشهر الثمانية عشر، لم تتخذ وسائل الإعلام العالمية البارزة، ولا المؤسسات الدولية، ولا الدول الغربية المدّعية الدفاع عن حقوق الإنسان، أيّ موقفٍ حيال السودان والمأساة الإنسانية التي يشهدها.
أكد مسؤولون سودانيون مرارًا أن جزءًا من أزمة بلادهم يعود إلى تدخلات دول مثل الإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة التي ساهمت في إشعال الحرب وتفتيت السودان لتحقيق مصالح اقتصادية وتوسيع سياساتها الاستعمارية في إفريقيا.

لقد قام أولئك الذين وقفوا إلى جانب الكيان الصهيوني في عام 2011 بتقسيم السودان إلى شمال وجنوب من أجل الهيمنة على موارده من الذهب والنفط والمعادن، بما في ذلك في دارفور، وشجّعوا على اندلاع حرب أهلية وتصعيد التوترات، مما أدى طموحهم هذا إلى سقوط ملايين من الضحايا.
أهم نقطة هي تزامن هذه التحوّلات مع تصاعد الضغوط الدولية على الكيان الصهيوني بسبب جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة والضرورة الملحة لإنهاء الحصار المفروض عليه. في الظروف الراهنة، يبدو أن الصهاينة، بدعم من بعض الدول الغربية والعربية، يسعون – إلى جانب مواصلة سيناريو تقسيم السودان مجددًا – إلى صرف الرأي العام عن التطورات الجارية في غزة وتهميشها.

الغرب الذي دفع السودان ذات يوم إلى أتون الأزمات عبر انقلابات ناعمة وشعارات زائفة لمطالبة الحرية ، هو اليوم يسعى إلى الخطوة التالية من مخطّطه، وهي تقسيم السودان مجددًا وتوسيع نطاق هذا السيناريو ليشمل دولًا إفريقية وإسلامية أخرى، تمامًا كما يحاول تنفيذ مخططات مشابهة في لبنان وسوريا والعراق وغيرها. لذلك فإن المواجهة الدولية لهذه الخطة باتت ضرورة ملحة لمنع ولادة سايكس-بيكو جديد في غرب آسيا وإفريقيا.

تعليقك

الصفحات الاجتماعية اختيار المحرر آخر الأخبار كاريكاتير صورة اليوم