2024/03/24
نسخ!

بقلم رئيس التحرير

الحادث الإرهابي في روسيا: هل انتقمت الولايات المتحدة وإسرائيل من روسيا بسبب موقفها من الحرب على غزة!!

الحادث الإرهابي في روسيا: هل انتقمت الولايات المتحدة وإسرائيل من روسيا بسبب موقفها من الحرب على غزة!!

د. محمد علي صنوبري: الحادث الإرهابي في روسيا: هل انتقمت الولايات المتحدة وإسرائيل من روسيا بسبب موقفها من الحرب على غزة!!

في حادثة مروعة استحوذت على اهتمام المجتمع الدولي، أعلن تنظيم داعش علناً تورطه في هجوم مدمر على حفل موسيقي في موسكو يوم الجمعة، وهو الهجوم الذي أدى إلى خسارة مأساوية لـ 62 شخصاً. إن أبرز ما يمكن فهمه من هذا الحادث هو التوقيت المريب له والذي يبدو وكأنه عقوبة لموسكو بسبب موقفها من حرب الإبادة الجماعية على غزة التي تشنها إسرائيل منذ ستة أشهر خصوصاً بأن الهجوم جاء عشية استخدام روسيا والصين لحق النقض الفيتو لتقويض مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن يطلق يد إسرائيل بشكل أكبر في غزة ويمنع محاسبتها عن الجرائم التي ترتكبها هناك.

وفي أعقاب الهجوم الإرهابي المدمر على مشارف موسكو، ربط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل صريح بين الحادث الإرهابي ومواقف روسيا من القضية الفلسطينية ورفض روسيا حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة إذ أكد خلال أول ردة فعل له على هذا الهجوم الإرهابي بالقول: “نحن لسنا نادمين على استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن ودعم شعب غزة، حتى لو قمتم بمهاجمتنا”.

وأشعلت هذه الحادثة أيضًا نقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث سارع الناشطون إلى التذكير وتداول التهديدات السابقة التي أطلقها مسؤولون إسرائيليون ضد روسيا. وجاءت هذه التهديدات ردًا على الدعم الدبلوماسي والجهود الروسية الحثيثة في مجلس الأمن لإصدار قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار وكذلك الجهود الروسية لتحقيق مصالحة وطنية بين الفصائل الفلسطينية. وكانت إحدى النقاط المحورية في هذه المناقشات هي المقابلة التي تم بثها سابقًا مع “أمير ويتمان”، عضو حزب الليكود الإسرائيلي، الذي حذر صراحة من أن روسيا “ستدفع ثمنا باهظا” لعلاقتها مع القضية الفلسطينية.

لقد أدى توقيت ومحتوى تهديدات ويتمان إلى وجود روابط حتمية بين هذه التهديدات والهجوم الإرهابي اللاحق في موسكو، مما أدى إلى تغذية شبكة معقدة من العلاقات الدولية والتداعيات السياسية.

من جهة أخرى أثار هذا الهجوم الإرهابي المأساوي تدقيقاً مكثفاً، ليس فقط بسبب خسائره المروعة، ولكن أيضاً بسبب شبكة العلاقات الدولية المعقدة التي يحتمل أن بعض الدول قد تورطت في التنفيذ. وقد تم تسليط الضوء على هذا التدقيق بشكل أكبر بسبب توقيت الهجوم والتوترات الدبلوماسية التي سبقته. وقد وقع الهجوم بعد وقت قصير من الفوز الانتخابي الكبير الذي حققه الرئيس فلاديمير بوتن، وهي الفترة التي ارتبطت عادة بالتوطيد الوطني وليس التعرض لأعمال العنف الصادمة كهذه. وهذا السياق، إلى جانب التحذيرات الصريحة السابقة من السفارتين الأمريكية والبريطانية بشأن التهديدات الأمنية المحتملة في روسيا، يلقي بظلال من الشك على توقيت الحادث ودوافعه ووقوف الولايات المتحدة وبريطانيا خلفه كل ذلك ضمن إطار دعم إسرائيل ومعاقبة روسيا على موقفها من القضية الفلسطينية.

ومما يزيد من هذه المؤامرة أن التصريحات الأمريكية الصادرة في أعقاب الهجوم لفتت الانتباه بشكل خاص. حيث ظهرت هذه التصريحات بعد تحذير محدد من السفارة الأمريكية قبل 48 ساعة من الهجوم، مما يشير إلى مستوى من المعرفة المسبقة بالتهديدات المحتملة. إن إسناد الهجوم إلى داعش، وهي المجموعة التي غالباً ما يصنفها المجتمع الدولي على أنها منظمة إرهابية، إلى جانب الحقيقة المعروفة للجميع بأن هذه الجماعات يتم التلاعب بها كأدوات من قبل المصالح الغربية، يقدم سردية أكثر وضوحاً لتفاصيل هذا الحادث الإرهابي.

ختاماً، إن الهجوم الإرهابي الأخير على موسكو، يسلط الضوء بشكل صارخ على التفاعل المستمر والمعقد بين العلاقات الدولية، والأمن الداخلي، والمشهد الجيوسياسي الأوسع. ولا تقف هذه الحادثة، التي أعلن داعش مسؤوليته عنها، في عزلة، بل تتشابك مع الخلفية المثيرة للجدل لمواقف السياسة الخارجية الروسية، خاصة فيما يتعلق بحرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة. إن توقيت الهجوم، الذي يأتي في أعقاب استخدام روسيا والصين حق النقض ضد مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يشير إلى أن للهجوم (المدعوم أمريكياً وبريطانيا) بعدا عقابيا يهدف إلى معاقبة موسكو على تحديها للضغوط الرامية إلى تغيير موقفها بشأن القضايا الفلسطينية ورغبتها في محاسبة إسرائيل عن جرائمها.

كما أن ربط الرئيس فلاديمير بوتين المباشر بين هذا الهجوم وموقف روسيا الداعم للفلسطينيين في غزة يسلط الضوء على تصور الكرملين للهجوم باعتباره ليس مجرد قضية أمنية داخلية، بل إنه يشكل تحدياً مباشراً لسياسته الخارجية ومزيداً من المواجهة مع إسرائيل وحلفائها. كما أعاد هذا الحادث إثارة المناقشات حول دور الدول الغربية في استخدام الجماعات الإرهابية كأدوات جيوسياسية، كما يتضح من التهديدات التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون ضد روسيا والحقائق المحيطة بتورط الدول الغربية في الاستفادة من مثل هذه الهجمات للتأثير على موقف روسيا الدولي.

مدير ورئيس تحرير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية

 

تعليقك

الصفحات الاجتماعية اختيار المحرر آخر الأخبار
كاريكاتير صورة اليوم